عام ونصف من الغياب... ثم وُجدت جثته مقطعة في الغابة
لم يكن يعلم أن رحلته للعمل ستكون الأخيرة في حياته، وأن وداعه لأسرته سيكون وداعًا لا عودة بعده. خرج صباحًا مثل كل يوم، يحمل عدته على كتفه، متوجهًا إلى ورشة بناء في منطقة جبلية نائية. رجل بسيط، مكافح، اشتهر في أوساط من يعرفونه بالصدق والعمل الجاد. لكن في ذلك اليوم، ابتلعه الغياب ولم يُعرف له أثر.
مرت الأيام والأسابيع، ثم الأشهر، دون خبر عنه. هاتفه أُغلق، ولا أحد يعلم مكانه. انطلقت الأسرة في رحلة بحث طويلة، طرقوا فيها كل الأبواب. نداءات، بلاغات، زيارات للمستشفيات والمراكز الأمنية، اتصالات بكل من يعرفه أو عمل معه. لكن كل ذلك ذهب سدى. وكأن الأرض انشقت وابتلعته.
الملف سُجّل ضمن حالات الاختفاء، كغيره من القضايا التي لا جواب عنها، وكان على وشك أن يُغلق نهائيًا، لولا أن الأمل لم يمت في قلوب أحبّته. ومع مرور الوقت، وتوالي الخيبات، بقي بصيص صغير من الرجاء في أن يظهر، أو أن يأتي اتصال من مكان ما يخبرهم أنه بخير.
المفاجأة:
المفاجأة الحاسمة جاءت من حيث لا يتوقع أحد. بعد مرور سنة ونصف، خلال مراجعة دورية لبيانات بعض الأرقام، اكتشف أحد عناصر الدرك أن هاتف📲📱 الشخص المختفي تم تشغيله مؤخرًا، وأنه يُستعمل من طرف سيدة تقيم في منطقة تبعد مئات الكيلومترات عن آخر مكان شوهد فيه.
تم استدعاء السيدة فورًا، وجرى التحقيق معها. لم تنكر، وقالت إنها اشترت الهاتف من شخص في السوق قبل فترة. لم تكن تعرف شيئًا عن صاحبه الأصلي، ولم يخطر ببالها أن له علاقة باختفاء أو جريمة.
بالبحث عن بائع الهاتف، ظهر أنه كان يعمل مع المختفي في نفس الورشة🛠، قبل أن يختفي هو الآخر من المدينة دون سبب. تم تعقبه واستدعاؤه للتحقيق. في البداية، أنكر أي علاقة له بالقضية. لكن مع تضييق الخناق عليه وتقديم الأدلة تباعًا، بدأ يتلعثم، وظهرت عليه علامات الارتباك.
وبعد ساعات من المواجهة والضغط، انهار أخيرًا، واعترف بالحقيقة. قال إنه دخل في شجار حاد مع زميله بسبب خلاف بسيط في العمل. الشجار تطور إلى عراك، انتهى بجريمة قتل. في لحظة غضب، فقد السيطرة، ووجه له ضربة قاتلة. وعندما أدرك ما فعله، دبّ فيه الذعر، وخاف من العقاب.
لكي يُخفي الجريمة، قرر أن يُقطّع 🔪🥩الجثة ويخفيها في مكان بعيد. حمل الأشلاء في أكياس، وتوجه بها إلى غابة كثيفة الأشجار، حيث حفر حفرة عميقة ودفن⚰️ بقايا الجثة، معتقدًا أن أحدًا لن يكتشف سره أبدًا.
لكن الله أعدل، والعدالة⚖️ لا تموت. ما ظنه سيسقط في النسيان عاد ليطارده، وقطعة إلكترونية صغيرة، هو الهاتف، كانت المفتاح الذي قاد إلى كشف الحقيقة بعد كل هذا الزمن.
البحث عن الجثة:
انتقل رجال الدرك برفقته إلى المكان الذي أرشدهم إليه. ووسط أجواء حزينة، وبمساعدة الشرطة العلمية، تم العثور على أجزاء من الجثة، من بينها الجمجمة وبعض العظام. لا تزال عمليات البحث جارية للعثور على باقي الأطراف التي قد تساعد في تحديد زمن الوفاة وملابسات أكثر دقة.
المنظر كان مفجعًا. غابة هادئة، تختزن في ترابها سرًّا مرعبًا. بقايا إنسان دُفن دون كفن، وتم التلاعب بجسده، وكأن حياته لم تكن ذات قيمة.
أفراد الأسرة لم يصدقوا الخبر في البداية. كانوا يفضلون انتظار أمل ضئيل في ظهوره، على تلقي نبأ وفاته بهذه الطريقة الوحشية. بكاء، صدمة، وانهيار نفسي أصاب الكثير منهم، خاصة بعدما تأكدوا من التفاصيل.
الجاني أُحيل إلى النيابة، ووجهت إليه تهم القتل العمد، إخفاء الجثة، وطمس معالم الجريمة. من المنتظر أن يخضع للمحاكمة خلال الأسابيع القادمة.
هذه القصة، رغم قسوتها، إلا أنها تبرز الدور الحاسم للإصرار وعدم الاستسلام. لولا متابعة الجهات الأمنية وتفانيهم، لبقيت الجريمة غامضة، ولقُيّد الملف ضد مجهول.
كما تُسلّط الضوء على الظلم الإنساني حين يُغتال شخص لا لذنب ارتكبه، بل في لحظة طيش وغلّ من طرف من كان يفترض أن يكون زميلًا لا عدوًا.
ورغم أن العدالة قد تأخرت، إلا أنها جاءت في النهاية. والقاتل لن يفلت من العقاب، حتى وإن مر الزمن.
**العبرة المستفادة:
القصة ليست فقط عن الجريمة، بل عن معنى الصبر، وقيمة الحياة، والفرق بين من يزرع الخير، ومن يغدر دون رحمة.
اللهم ارحم من مات مظلومًا، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، وارزق ذويه الصبر والسلوان
هل بقي لديك شك في عدل الله يامن تعتدي؟